فلسطين وخمسون عاما شعر/ حمدي السمان
مقدمة
كـفـــانـــــا بكــــاءا كـفـــانـــا نواحـــــــــــا كفـانـــا صــياحـــا
كــفانــــا تهـلـــيـلا كـفـــانــا تـصـفـــيـقـا كـفـــانـــا كـفــانـــــا
لــقـــــد اغــتــصــبـــــوا ارضـــــنــا و حــكـــمـــوا بـــلادنــــا
و مــحـــــوا مــاضــــــي مــجــدنـــــا و اضــاعـــوا حــلــمــنـا
و هــتـكـوا اعــراضـنـا و قـتـلـوا اطــفـالـنـا ودنـسـوا شــرفـنـا
واطـفـئــوا شـمـعـنـا و اسـكـتــوا صــوتـنـا و قـيــدوا سـيــرنـا
.......................................................
كــفـانـــا كــفـانــا كـفــانـا مـــا جــــري و دعــونـــا لــحــظـة
لـحـظــــة تـتـذكــــر فـيـهـــا مـجــــد الـمـاضـــي الـعــريــــق
ام نــتــحــســــــر الان عــلـــي واقـــــع الـعــــرب الـمــريـــر
ونــتــبـاكــــــي مــثــــل الـنــســـاء فــي ســاعــة الــرحــيـــل
.......................................................
فـلـسـطـيـــن يـا زهــــــــرة فــــي الـتــــــراب دفـنـــــوهـــا
فـلـسـطــــيــن يــا شــــمـــعــة مـــن الــنـــور حــرمــوهــا
فـلـسـطـيـــــن يـا نـــجــمــــة مــــن الـســـــيــر مـنـعـوهــا
فـلـسـطـيــن يـا عـــــروس الــي الـشـيـــطـان زفــــــوهــا
فـلـسـطـيـن يـا اجــمـل مـديــنة و الـعــــرب اضــاعــوهـــا
.......................................................
والأن بـعـــــــد مــــرور اكــثـــــر مـــن خـمــســين عــامـــا
عـلـي احـتـــلال فـلـســـطـيـن لــم اجـــد الا هــــذة الـكـلــــمات
لــعـلــها تـــوقـــظ الـضــمـيـر الـعـــربـي قـبـــل فـــوات الاوان
القـصيـدة فلسطين وخمسون عام (مايو1998م)
خـمســون عــامـا نــبـكــي فــيــها علــي ضــياع الحــــرم
خـمسـون عــامـا وكــأن احــســاس الـقـلـوب مــن عـــدم
خـمسـون عــامـا واري اذان قــومــي تـحـبـو فـي صـمـم
خـمسـون عـامـا عـلــي مـيــلاد شـيـــطـان مــن الـعـجـــم
.......................................................
خـمسـون عـامـا مـضـت و الـيـهـود يـسـفـكـون دمـي
الـكــل يـبـكـــي الـكــل حـزيــن الـكـــل يـتــالـم لألـمـي
الـكــــــل الا انـا وحـــدي هــل لانــي غـبــي بــلا فـهـم
ام لانـــي عـربـي تـعـلمـت فـنـون الصمت مـن قـومـي
.......................................................
عــربــي يـخـشي لـو تـكـلم يـلـقي بـمصـائـب الـتهـم
مــن الــعـار أن اظـل صـامـتـا بـيـن سـاحـات الظـلـم
قـلـبـي بالــنـيـران يـحـتـرق واظــهـر بـوجـه مبـتسم
ارضـــي تـغــتـصـب واصــدق كـل الاعـيـب الـسـلـم
.....................................................
فـاي ســـــلام هـــــذا الـــذي يـسـلـب كــرامـة الامــم
تـســاوي فـيــه الـظـالــم و المـظـلـوم عـنــد الـحـــكـم
و احـــيـانـا يـكـــون فــيـه صـاحـب الامـر هو خصـمي
بل خـدعـت نفـسـي حين اشتريــت عهـود مـن وهـــم
.....................................................
اكـذوبـة رايـت فـيها الخـلاص مــن قـيـدي وهـمـي
اكـذوبــة ارغـمـت عـلـيــها رغـــم تـزايــد سـقـمـي
أرغـمـت عـليهـا لان قـدومـي لحــقي يسـقـط نجـمي
أم لانـي اعـيـد قـوتـي فـي الـخـــفاء لاحـقـق حـلـمي
خـمسـون عـامـا يـا فـلسطـيـن و انـت عــنا تـبتـعديـن
خـمســون عــامـا يـا فـلـسطـين ينادينـا الـيـك الحـنين
خـمسـون عـاما و صـدي الاقصي بين المآذن حـزين
خــمسـون عــامـا لا نـسمـع فيــهـا الا صــوت الأنـيـن
.......................................................
فـلـسطيـن يـا عـروس تـنـتظـر فـارسـها فـي كـل حـين
اتــراه بـينــنا الأن ليـجـيـب صـرخـة الايـام و الـسـنين
أم تـــري ان فـارسها مــازال بـيـن الاحــشـاء جـنيــن
أم تـرحـل الـعـروس الـي ارض فـارســها فـي حـطـيـن
.........................................................
فـلـسطـين زيـنـوك لـكـن زفــوك الـي شيـطـان لـعـيـن
شـيــطـان مـــا كــان عـليـــه الا ان يـاتـيــك بســكـيـن
لـيـغـيـر وجـهـك الـجـمـيل ليــدنـس بــيـتـك الـثـمـيـن
لـيـمحــو مـجــد االـماضـي ليــرعــب كــل شـئ أمـين
.................................................
انـــي اري دمــــاء العـروبــة تـسـيل كـمـاء مـهـيـن
اراهـــا تـجــري عـلــي الـرمــال بـسهـام الـغـادريـن
لـتــروي الـشقـوق العـطـشـا و يـنـبـت عليـها التـين
أنــوقـف هـــذا الـنــزيـف ام دائـمـا نـظـل صـامـتـيـن
...................................................
فـلسطيـن الـحجـارة عـند خـيـر من انـاس غـافـليـن
اطـفـالــك يـنـتـظـرون الـجــواب مــن قــوم نـائـمـين
أيسـتـيقـظ فـينـا الضـمـير قـبل ان يـمـوت الـسجـيـن
ام يـمــوت الضــمـير و يـظــل الـحــق فـيــنـا دفـيــن
قــلـت هــــذه فـلســـــطـين قـالـــوا لا هـــــذه اسـرائيــل
قـلـــت ويـحــي ايـن فـلسطــــيـن ايـن وجـهها الـجمــيل
قــالــوا ايــها الـعـــــــربـي الـمســـكيــن انـــت ضـلـيـل
مـاتــت فـلســطـيـن مـــات الــزيتـــون مـــات النـخيــل
.....................................................
و اقـيمت دولــة تـخـيـف الـناس جـيلا مــن بـعـد جــيـل
هــي قــوي الشــرق و بـايـديـها حـق الشـــرق عـليـل
ولا تـابــي بـاي شـــئ و لــو ســـقــط كـل يـوم قـتـــيل
مـن الـفــرات الي الـنيـــل كـما تـقـــول هـو المسـتطيـل
.............................................
قـــلــت مـهـمـا كـثـــرت تـلـك الـمـزاعـم و الاقـاويـــل
سـتـظـل فـلـسـطـيـن عـربـيـة الـمـكـان رغــم الـتـبديـل
فـلـسـطـيـن هــذا اسـمـهـا الـثـمـيـن اسـمـهـا الاصـيـل
فهـي شـريــان الـعـروبـــة مـن الـفــرات الـى الـنـيــل
.................................................
مـلـتـقـي الانـبـيـاء مـجــد الـعــروبــة و مـعـي الـدلـيـل
هـنـا رايــت عـيـسـي رايــت مـوســي رايـت الـخـلـيل
الـي هـنـا جـــاء مـحــــمـد بـعـدمـــا دعــــاه الجـلــيـل
رايتــه يصـلـي و خـلـفـه الانـبـيـاء و يـشـهد جـبــريـل
...................................................
فـلسـطيـن بـيـتـنـا فـلـسطـيـن لـنا ابـناء اسـماعـيــل
فنحـن بـنـي العـروبـــة حـتمـا سـنـلـقـاهـا بالـتـقبـيـل
وسـوف يـعـلـو صـوت الاقـصـي بالأذان و الـتـرتـيـل
وستشـرق شـمـس العـروبـة مـن بـعـد غـيـاب طـويـل
خـمســون عـامـــا اري الاســــــوارا تـحـبـس شـرف الـعـروبــة انـكــارا
خـمســون عـامـــا اري الاشــــــرارا يقتلـوا الكبـارا ويشـردوا الصـغارا
خــمسـون عـامـا نطفـئ الانـــــوارا لـيعــم ظــلام الـعـروبــة الاقـطــارا
و العـروبة تـنـتـظر فارسها المغوارا فلـم اجـد فـي حـمايتها الا الاقــدارا
.........................................................
رأيـــت الجــــبال تـرمــي احجـــــارا لتحمي الاطفال و شــرف العـذارى
ورأيــــت الـســــماء تـــدمــع نــــارا كـأنهـــا احـالــــت اللــــيـل نـهــارا
ورأيـــت الامــواج تـهــــز البـحــارا لتـنــبـت بـيـن احـشـائها انـفـجـارا
و ثــورة الـريــاح اقــعـت اشـجــــارا لتـسـقـط اغـصانـا و تـزيـل ازهـارا
.................................................................
و شـعــاع الشـمـس ازداد احـمـرارا غـيــظـا و كـمــدا يـلـفــت الانــظـارا
بـعــدمــا ولــــي قومـــي الادبــــارا من وجـه الطـامع و رضوا الانكسارا
كـأنـهــــم رأوا فــــيـه الافـتـــخـارا فـتوالـت عـليهم كـل العـيون احتقـارا
جـيـوش الـرحـمـن جـاءت خـيـــارا جــاءت بــلا انـســان تـحمـي الـعـارا
.................................
فـيـا قـومـي لـم يـبـقـى لـكـم خــيـارا لـنـيـل الاحـتـرام وجـني الانـتـصـارا
ســـوي الـدفــاع لـتـحيــوا احـــرارا والا السـكـوت يـجـول بـكم احتضارا
وكـيـــف تـــرضــون الــذل خـــيـارا والـنــار تــهــيــم فـيــنـا انــتــشـارا
وصرخـة تـعـلـوا وتـقـولوا انـتـظارا لــو بـكـم كـرامـة تـمـنـوا الانـتـحـارا
.........................
أغـافـلـون نحـن عـن حقـنـا اجـبـارا ام اصـبحـنا لا نـعـرفـه كـالـسـكـارى
وكـيف تـدافـع الـنسـاء عنـا جـهـارا ونـحـن واقـفـون نـخـشـى الحـصـارا
ويـصيـب حـجـر الاطـفـال الاشــرارا والـســلاح عـنــدكـم يـأبـى الاظـهـارا
اجـيـبونـي ولا تـقـولـوا لـي اعتـذارا انـحــيا مـوتـــى ام نـمــوت احــرارا
خمـسون عامـا على ميـلاد الشـيـطان خمـسون عاما فـي الـذل والهــوان
خـمســــون عـامـا والـعـــرب نـيــام ومـجــد الـعـروبــة مـهـدم الـبنـيان
ونهـارا الـعـــرب مـلــبـد بالـغـمـــام واللـيـل الطـويـل شـاكـي الـطـغـيان
وشمس الـعـروبة اوشكـت الانهيـارا بـعـدمـا فـــر أهـلـهـا مـن الاوطــان
...................
وسـمعــت صـوتـا مـن قـديـم الـزمـان صـوت عـجـيــب مــزدحـم الاركــان
صــوت جـريــح يـصــرخ كالأطــفـال ام صـوت مظلـوم ملقـى في النيـران
ام صــوت مسـتـغـيـث مـعـذب بالآلام ام صــوت انـسـان مـلـئ بالأشـجــان
هــل جـــاء يـبــعـث فـيـــنا الأمـــال م جــــاء يـحـطـــم قـيــــود الـسجــان
...................
وتـسـألـت هـذا الصوت لأي انـسان ولـمـــاذا أتـــى فـــي هـــذا الـزمــان
صـوت الـخـلـيل مـن بـيـن الاحـجـار يـنـــادي الـنـــاس مــن كــل مـكـــان
صـوت مـوسـى مـن بـيـن الـجـبـال يـشـكـو مـن ظـلـم الـيهـود والبهـتـان
صـوت الـمسيـح مـن علـى الرمــال يسـتـغـيث بـرحمـة خـالــق الاكـــوان
.....................
صـــوت الـحـبـيـب صـاحــب الـقرآن جـــاء يــوقـــظ غـفـــلـة الـنـسـيـان
كــأن ارى وجــــــه مـحـمــــــد الأن اراه والــدمـــع يـجــول بالأجـفــــان
محمــد يـبـكـي علـى حـــال الاســلام وتبـكي الاسراء و تـبكـي ال عمران
حتــى الطيــر ينــوح علـى الاشجــار بـعـدمـا اكـتـسـى وجـهـه بالأحــزان
.....
اجــــراس الكـنــائــس تـــــدق الأن تـعـلـن بــدايــة حـــزن الــرهـبـــان
مـآذن المسـاجد تصـرخ فــي الاذأن تـنـذر الـنـاس مـن غـضـب الرحمـن
وعـروس الـمـدائن خـلـف الاسـوار تـنـادي قـيـدونـي بـتــلـك الجــدران
ومحـمــد وعـيـسى هنــاك يبـكيـان والأنـجــيل والـقــرآن لـلـه يـشكـيـان